يعتبر السوري هاني السعدي نفسه كاتباً استثنائياً ومن أهم صناع الدراما، وجاء في الوقت المناسب لنجدتها، وأنه لا يثق في بعض المخرجين الذين خذلوه أمام جمهوره، لذا قرر مقاطعتهم وعلى رأسهم نجدة أنزور، والليث حجو.
وأشار في حوارنا معه خلال وجوده في دبي للإعلان عن أعماله الجديدة خلال رمضان المقبل، الى أنه يتحايل على الخطوط الحمر في نصوصه حتى لا تلتفت إليه الرقابة، موضحاً أن الكتاب في سوريا حقوقهم ضائعة لأنهم فشلوا في إنشاء جمعية تحميهم. السطور القادمة تحمل تفاصيل الحوار.
تصف نفسك بالمبدع الاستثنائي، لماذا؟
لأني من أهم صناع الدراما السورية، الذي جاء في زمن كانت فيه تلك الدراما بحاجة لمنقذ، ومن يومها ما زلت أكتب، وما يؤرقني تقديم أفضل النصوص الدرامية، وأعتبر نفسي مع الكتابة في حالة عشق لا نهاية له.
بتلك الإجابة تؤكد أن نجاح الدراما ارتبط بك؟
نعم، فأنا بدأت الكتابة الدرامية في وقت لم يكن أحد في الدول العربية يعرف شيئاً عن الدراما السورية، الآن أصبحت الأولى على مستوى الدول العربية، وعرضت تلفزيوناتها أعمالي مثل عصر الجنون، وصراع الأشاوش، والجوارح، والكواسر، والبركان وغيرهم من المسلسلات التي أصبحت علامة في الدراما السورية.
لم تدرس السيناريو، ولا تقنية تحريك الكاميرا واعتمدت فقط على الموهبة التي لا تكفي للنجاح؟
هذا حقيقي وإنما التجارب الحياتية بجانب الموهبة لدى بعض الأشخاص أنجح من الدراسة الأكاديمية، ومن هؤلاء أسامة أنور عكاشة، وجيله.
هل تعرف أن أسامة أنور عكاشة درس الدراما، ولديه ورشة لكتابة السيناريو، ولديه بُعد في الكادر وتحريك الكاميرا؟
كل ذلك لا يعنيني، والذي يعنيني في النهاية النص وقت عرضه، هل هو ناجح وعليه إقبال أم غير ذلك، ولا يهمني أيضاً حركة الكاميرا، لأنها من عمل مخرج النص.
إذاً أنت تعتمد على المخرج في نجاح العمل؟
لا شك أن النص ورق ومخرج متميز وممثل مجتهد.
كلامك يؤكد أنك تقدم خيوطاً للنص الدرامي ولا ترسم أشخاصاً؟
هذا كلام مغرض وغير حقيقي، لأن النص على الورق تتحرك فيه الأشخاص كتحركها في الواقع، والخيوط الدرامية التي تتحدث عنها أقدمها في المعالجة للرقابة قبل كتابة النص في حلقات.
هل لديك نصوص ترفضها الرقابة؟
نعم، ولكني لن أخوض في تلك المسألة، والذي يهمني قوله إنها تعتبر أن بعض المواضيع غريبة على المجتمع، لذلك أحاول تناولها بطريقة أخرى، والأغرب أن تلك الرقابة لا تعرف أن كل الكتّاب بداخلهم رقابة ذاتية، لأنهم من ضمن أفراد المجتمع ويهمهم تقدمه، مما يجعلني أردد دائماً أننا ككتاب مستكتبون لا كاتبون، لأن هناك أشياء ممنوع الاقتراب منها حماية للمجتمع، ما يجعلني أقوم بتسليط الضوء على السلبيات الموجودة وأقدمها بطريقة تنأى بها بعيداً عن الرقابة.
توصف بالقدرة على قلب التوقعات وبعثرة الأوراق، لماذا؟
لأني أتبع سياسة في تناول الأعمال الاجتماعية والبوليسية، بهدف ألا أدع المشاهد يتوقع ما يحدث، وأفاجئه بشكل دائم عن طريق اتباع التشويق والإثارة، لأجذبه، خصوصاً في الأعمال التي تعرض في شهر رمضان، التي يصل عدد حلقاتها الى ثلاثين حلقة يتابعها على مدى ثلاثين يوماً، لذلك أقدم له ما يحترم عقله والشيء الذي يهمه في حياته.
بدأ مارثون الدراما الرمضانية، فما جديدك؟
مسلسل “صراع على الرمال” وهو من أشعار وخيال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وأنا كتبت له النص الدرامي والسيناريو والحوار وإخراج حاتم علي، وأعول كثيراً على أن يصبح هذا العمل أهم الأعمال الدرامية بجانب الجزء الثاني من “عصر الحنون”، و”الخط الأحمر”، وهو الجزء الثاني من مسلسل “حاجز الصمت”، وهو يعني تجاوز الرقابة بشكل أو بآخر.
وهل تناولت “صراع على الرمال” من وجهة نظرك؟
أعطيت حرية كاملة في تناول “صراع على الرمال” كما أراه، فوجدت حدوته شائقة جداً، وشخصياتها ملحمية مملوءة بالعمق الدرامي، مما جعلني أسرح بخيالي وأنبت عدداً كبيراً من الشخصيات.
وهل طلب منك تعديل مشاهد؟
أبداً، لكن هناك اتفاق فقط على أن تكون لغة الحوار بالفصحى، وعندما أنتهي من هذا العمل يحول في النهاية الى اللهجة البدوية مثلما حدث من قبل في مسلسل “آخر الفرسان”، لذلك اخترت هشام قطارنة ليقوم بتحويل الحوار للبدوي، وطلبت منه مراقبة البيئة البدوية وإضافة تفاصيل هو يعرفها، من ضمنها من أين كانوا يأتون بالطعام والشراب وكيف كانوا يتعاملون مع الأتراك، والدخول للتفاصيل الصغيرة، لأن هذا العمل إنتاجه ضخم.
وهل حجم الإنتاج كاف لنجاح العمل؟
لا شك في ذلك لأن الإنتاج يعد البطل الأول، لأنه يأتي بالكاتب القوي والمخرج المتميز الذي يشرف على العمل وينتقي الأشخاص الذين سيعملون معه.
مشكلات عديدة، لماذا؟
يسمونني بالكاتب المشاكس، والمثير للمعارك، لكن أحب أن أوضح أنني أعمل في الظل ولا أحب أن يشعر أحد بي، حتى يحدث صدام فجأة مع أحد المخرجين بسبب العمل، ويعلو صوتنا عبر الصحف مثل ما حدث مع المخرج نجدة أنزور بسبب مسلسل “البواسل” لأنه قام بحذف ما يقرب من 257 مشهداً بسبب ضيق الوقت، من دون أن يرجع لي، وجعل مساعده يكمل الإخراج من دون الإشراف عليه، مما أحدث خللاً شديداً في العمل، إلا أن الفجيعة والقطيعة كانت في مسلسل “آخر الفرسان” بعد أن قام بحذف أهم المشاهد في القسم الأخير بهدف النهوض لعرضه في رمضان، خاصة أن هناك عقداً يتضمن شرطاً جزائياً، مما جعلني أصرخ من خلال الصحف بأنني وقعت عقداً مدته 22 ساعة أفاجأ بأن العمل تقلص الى 14 ساعة فقط، مما أضعف العمل.
وهل فعلاً هناك قطيعة؟
القطيعة كانت لفترة، لكن بسبب الصداقة التي كانت تربطنا نتحدث فقط عبر الهاتف.
لكن نفس موقفك تكرر مع المخرج الليث حجو؟
أنا أدافع عن حقي، إنهم يبترون أفكاري، والليث حجو كنت قد أعطيته النص كاملاً وبعد أن انتهى التصوير وجدته مضيفاً مشاهد كانت غير موجودة على الورق بهدف مجاملة بعض الممثلات، لذلك صرخت معلناً اعتراضي.
ولماذا لا يكون اعتراضك في الوقت المناسب؟
دائماً تكون هناك جلسة وقت الاتفاق، وقبل التصوير مباشرة مع مخرج النص، ويكون سؤالي هو هل لك ملاحظات على النص، فأجده لا يبدي اعتراضاً، وعلى سبيل المثال ما حدث مؤخراً مع المخرج حاتم علي عندما طلبت منه أن نجلس معاً لسماع ملاحظاته على النص، لكنه قال إن هناك تفاصيل صغيرة سيعالجها وحده، وانصعت لكلامه وليس من المعقول لمبدع أن يلاحق التصوير في أماكنه، وأحياناً أذهب لأطمئن فأجد الأمور على ما يرام، لكن الفجيعة تكون بعد الانتهاء من التصوير.
وهل ستتعامل مع المخرج نجدة أنزور؟
لن يحدث ذلك أبداً بدليل أنني رفضت عمل الجزء الرابع من مسلسل الجوارح بسببه.
ألا ترى أن تلك الخلافات كانت سبباً في ضعف مسلسل “أبناء القهر” لاعتمادك على مخرج لم تكن لديه تجارب سابقة؟
رغم ما يقال عن المسلسل، إلا أنني أعده من أفضل الأعمال، وصحيح أن المخرج مروان بركات لم تكن له تجارب سابقة إلا أنني عندما جلست معه قرأت عقله فوجدت أن لديه إمكانات هائلة وما كتب عن المسلسل غير حقيقي، ويخفي خلفه حقداً دفيناً لا أعرف مصدره، ولكن أذكرهم بالجائزة الفضية التي حصل عليها “أبناء القهر” من مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون.
ألا تخاف على بناتك من تلك الخلافات خصوصاً أنهن يعملن بالفن؟
الحمد لله، واحدة اعتزلت، وهي “روعة”، وبقيت الصغيرة “رُبا”، وعمرها 13 سنة وأنا تارك لها الحرية في الاستمرار، أو الاعتزال.
ألمح في كلامك عدم الثقة في المخرجين؟
ليس بتلك الدرجة خصوصاً أنني تعاملت مع كم كبير منهم، إلا أنني لا أثق بمن أخلوا بالاتفاق مثل نجدة أنزور، والليث حجو، ومروان كدو، وسالم الكردي.
خلافاتك تؤكد أن المؤلف ليس له سلطة على العمل؟
أنا أتابع أعمالي، لكن أصرخ إذا حدث تغيير في النص، وللأسف الشديد حقوقي ككاتب ليست موجودة على الإطلاق، وبالتالي ليس من حقي إقامة دعوى أطالب فيها بحقوقي، لذلك نحاول المطالبة بجمعية للمؤلفين.
وما أسباب عدم وجودها؟
خلافات الكتاب هي السبب في عدم الاتفاق، ولأننا لا نملك الاجتهاد لفتح قناة شرعية.
ألا ترى أن الدراما السورية فيها إطالة تصرف المشاهد عن متابعتها؟
هذا حقيقي، وهي مشكلة نواجهها في شهر رمضان الذي تصل المسلسلات فيه الى 30 حلقة، لكن هذه أوامر المنتجين اعتقاداً منهم أن تلك الإطالة تجذب المشاهد، لكن أنا ككاتب عندي 25 شخصية، لا يمكن أن تغيب منها شخصية، مما يجهدني للالتزام بالخيط الدرامي، الذي يجب أن يكون الصعود فيه في سياق تطور الأحداث، إلا أنني أعتبر أن الإطالة في الدراما فخ للكاتب.
وهل تستجيب لطلب المنتج بضرورة الإطالة؟
للأسف الشديد لأن الشراء من الكاتب لا يكون إلا في رمضان، مما حولني لكاتب رمضاني بنظر الإنتاج.
هل الدراما السورية تفوقت على المصرية؟
هذا كلام غير علمي، وكل واحد يسعى لتقديم جهده المتميز وهناك أعمال سورية ناجحة وأخرى هابطة، وفي مصر أيضاً، مما يؤكد أن المسألة لا تخضع لمعايير.
