فضائية الجزيره كانت تحظى بتاييد وثقة الشعب الفلسطيني والشارع العربي عامة ، وعلى مدار سنوات الانتفاضة الفلسطينيه لعبت دور رائع وعظيم في تحشيد الشارع العربي واستنهاضه لدعم ومساندة نضال الشعب الفلسطيني ،وكذلك تكريس حرية التعبير عن الرأي ومواجهة الاعلام الرسمي العربي في عملية التعتيم والتضليل الاعلامي الذي كان اساس الهيمنه والدكتاتوريه للنظام الرسمي العربي ،واستبشرنا خيرا في وجود منبراعلامي عربي وعالمي يطرح القضايا الع ر بيه بكل موضوعيه ويقتحم حدود وجدران وممنوعات الانظمه الرسميه ، وكانت الجزيره ببرامجها ونشراتها الاخباريه تدافع عن وحدة العرب وتناضل من اجل توحيد الصف العربي ، وحشد جهوده وجميع الامكانات العربيه وتوظيفها ل خ دمة القضايا العربيه وفي مقدمتها القضيه الفلسطينيه ،ولهذا حظيت بثقة وتاييد ودعم الشارع العربي من المحيط الى الخليج ووصلت الى سدة العطاء وشكلت اهم وسائل لتعميم الوعي والاستنهاض .
لكن ما يحدث الان ، وما تفعله الجزيره (للاسف) انها انحرفت عن نهجها الوطني والقومي وبدات تنحاز الى محاور وممولين يتحكمون بسياساتها التي باتت تشكل اداة ووسيلة لاثارة الفرقة والفتنة من خلال توظيفها لتكون منبرا لهذا الطرف ضد ذاك ، ومع هذا الحز ب ضد اخر ، مع دولة ضد اخري دون الاحتكام للموضوعية حيث لاتظهر سوى الجزء الذي تريده من الحقيقة في كل موضوع تتناوله ، ولا تجري سوى اللقاءات مع شخصيات ومسؤولين للطرف او الحزب او الدولة التي تدفع لها اكثر ،كما انه وللاسف باتت تشكل منبرا لقيادات وشخصيات امنية وعسكريه اسرائيليه لترويج افكارهم ولتبرير سياسات القتل والعدوان والاباده ( كما حصل يوم الاحد 27/12 مع افي ريختر مسؤول الامن الاسرائيلي وكذلك اللقاء البائس مع الناطق باسم الجيس الاسرائيلي الذي بررعمليات الابادة والمحرقه التي ترتكب في غزه ضد الشعب الفلسطيني ولم يكن المحاور قادر على سؤاله او الرد عليه بشكل مقنع .
وكذلك بات الجميع يعبر عن استيائه واستنكاره لدور الجزيره في زيادة الفرقه والانقسام الفلسطيني حيث انحازت الجزيره الى حركة حماس وصبت الاتهامات لحركة فتح ، ولم تكن موضوعيه بنقل الاحداث والوقائع واطلقت العنان لشاشتها للناطقين باسم حماس وقادتها الذين زادو الاوضاع توتيرا وفرقة ولم ينصفوا في منح من تقابلهم من فتح لعرض الحقائفق والوقائع وتمثل دور الجزيرة بالتحريض وزيادة الانقسام واثارة الفتنه بدلا من التوفيق والتهدئه والابتعاد عن بعض الناطقين والقاده التوتيريين من حماس ، ولم تكتفي الجزيره بهذه السياسه التي لاتحقق نجاحات او امجاد الا من خلال الاثارة والاحتكاك والجدل الذي يزيد الانقسام من خلال وجبات تقدمها بشكل مبرمج ومدروس .
ان ما يحز بالنفس تمادي الجزيره في هذه السياسه والدم الفلسطيني يسيل في غزه حيث عمدت الى اختيار من يمكن ان يحرضوا على فتح والسلطة وقيادتها واتهامهم بالتامر مع العدوفي هذا العدوان والسكوت عن هذه المحرقه كما كان الحال في استضافة مشعل ونزال وبرهوم وغيرهم ، ولم تكتفي بذلك بل تمادت في اثارة الخلاف بين الدول العربيه وعملت على التحريض المبرمج ضد مصر واستضافت من يهاجموها ويتهموها بالتعامل مع اسرائيل ، ونقلت بل وركزت على المظاهرات والاحتجاجات ضد السفارات المصريه كما كان الحال في لبنان بدل من التركيز وتوعية الشارع العربي ان تكون الاحتجاجات والمظاهرات ضد السفارات الاسرائيليه والامريكيه ، وقد فردت الجزيره مساحات واسعه لعملية التحريض ضد مصر ومن سمتهم اطراف اقليميه بالتامرمع اسرائيل في الوقت الذي كنا ننتظر ان تكون الجزيره (جزيرة العرب ) تركز على الدعوه للوحده والاصطفاف وتوحيد الدور والجهد العربي ،لا ان تفقد القضيه الفلسطينيه من عمقها العربي الداعم لها وهذا ما تريده امريكا واسرائيل .
مرة اخرى اتمنى على من يملكون القرار في فضائية الجزيره ان تعود الى حظيرتها العربية وعمقها القومي والوطني وان يتم تقييم برامجها ومخرجات هذه البرامج وتاثيرها على وحدة العرب والمسلمين والتعمق في ما سببته سياستها الاخيره من فرقة وانقسام لان القضايا العربيه والشعب العربي هو الذي يدفع الثمن
غسان المصري
مدير مركز كنعان للاعلام والدراسات / فلسطين نابلس